للمرة الأولي في التاريخ العبقري جوزيه يغير مفاهيم كرة القدم

ياله من عبقري يفكر بطريقة فريدة.
هذا البرتغالي المدعو مانويل جوزيه المير الفني للفريق الاول لكرة القدم الذي كتب تاريخا جديدا في عالم التدريب وادخل مفاهيم مبتكرة تعكس حجم الوعي والذكاء والقراءة الجيدة.
كان معروفا للجميع ان تنفيذ الكرات الثابتة المحيطة بمنطقة جزاء المنافس وكذلك الركلات الركنية هو السلاح الاخطر لفريق النجم الساحلي بطل تونس وكأس الاتحاد الافريقي.. وان نصف اهداف النجم في دوري ابطال افريقيا الحالي جاءت من الكرات الثابتة وبينها كل الاهداف الثلاثة في مباراة الاياب ضد الهلال السوداني في سوسه.. وعرف عالم خطط وطرق اللعب في تاريخ كرة القدم اساليب عدة لمواجهة الكرات الثابتة سواء في التمركز الدفاعي السليم والمكثف داخل وخارج منطقة الجزاء وخارجها او عن طريق الرقابة الفردية اللصيقة للاعبي المنافس.. ولكن جوزيه خرج عن المألوف بمواجهة الكرات الثابتة التي احتسبت للنجم طوال اللقاء بالتمركز الهجومي المكثف وبطريقة بدت غريبة جدا علي الجميع.
اعتمد جوزيه علي تثبيت ثلاثة من مهاجميه المتميزين بكل انواع المهارة المطلوبة لتنفيذ الهجوم الخاطف السريع سواء براعة وذكاء محمد ابوتريكه او ارتقاء وقوة الانجولي فلافيو او سرعة واختراقات محمد بركات.. ووضعهم جميعا علي خط واحد قبل ياردة واحدة من خط المنتصف في اقصي اليمين واقصي اليسار ونقطة المنتصف.. وفوجئ المدير الفني الفرنسي للنجم برتران مارشال بالتشكيلة الهجومية المكثفة والمنظمة للاهلي عند اول كرة ثابتة احتسبت لفريقه بعد عشر دقائق من الشوط الاول.. وتأخر تنفيذ الركلة لثوان قليلة قام خلالها مارشال من علي مقعده لمطالبة كل مدافعيه بالبقاء في مواقعهم لمراقبة مهاجمي الاهلي الثلاثة رجل لرجل مع بقاء اثنين من لاعبي وسط الملعب في اماكن قريبة منهم لدرء اي خطر علي النجم.. وفي ظل تراجع ثلاثة من دفاع النجم لرقابة ابوتريكه وفلافيو وبركات وامامهم اثنان وخلفهم حارس المرمي مع التزام لاعب تونسي من النجم تنفيذ الركلة الحرة او الركنية لم يعد لدي بطل تونس من المهاجمين الموجودين في منطقة جزاء الاهلي لاستقبال الكرة سوي اربعة لاعبين مع خلو المنطقة امام منطقة الجزاء من اي لاعب للنجم.. وهو الامر الذي منح تفوقا عدديا ضخما للاعبي الاهلي في منطقتهم بوجود عصام الحضري وله ميزة لعب الكرة باليد وكل مدافعي الفريق الخمسة وكلهم من طوال القامة والبارعين في العاب الهواء وتفرغ انيس بوجلبان وحسام عاشور لحماية بقية المساحات داخل وخارج المنطقة او قيادة الهجوم الخاطف.
ثمانية لاعبين من الاهلي في كل الكرات الثابتة التي احتسبت للنجم ضد اربعة فقط من الفريق التونسي رغم انه كان علي ملعبه ووسط جمهوره.. تفوق رقمي مذهل لايمكن ان يتوقعه او يصدقه احد في الملعب الاوليمبي في سوسه.
والفضل كل الفضل لهذا المدرب البرتغالي العبقري المدعو مانويل جوزيه.
وسيبقي هذا الاسلوب الذي اتوقع شيوعه وتطبيقه لاحقا في كل ملاعب العالم في السنوات المقبلة مسجلا باسم جوزيه الذي دخل من مباراة النجم والاهلي في سوسه عام 2007 الي سجلات التاريخ من اوسع الابواب.
لاعبو الاهلي نفذوا طريقة مدربهم الجديدة باتقان كامل والتزام هائل وعرف الجميع الان الاسباب التي تدعو مانويل جوزيه احيانا الي اغلاق ابواب المران امام الصحفيين.. ولو تناقلت الصحف المصرية هذه الطريقة المبتكرة ونشرتها لنفذ الفرنسي مارشال اسلوبا لمواجهتها وتضيع علي الاهلي فرصة المفاجأة.
التنفيذ الدقيق من ابوتريكه وفلافيو وبركات لم يغب عن الفريق ولو لمرة واحدة.. وعندما خرج فلافيو قام عماد متعب بدوره علي اكمل وجه وتكرر الامر مع خروج فلافيو واشتراك المدافع احمد صديق ولكنه تمركز في الجناح الايمن عند ركنيات النجم وكأنه جناح.. وفي اللحظات الصعبة عند نزول اسامه حسني في الدقائق الاخيرة بدلا من الظهير الايمن اسلام الشاطر واصرار الحكم الكاميروني المؤسف علي خروج الشاطر من نهاية الملعب بدلا من نهاية خط المنتصف لم يعد صديق الي منطقة الجزاء لتعويض النقص اللحظي بخروج الشاطر.. لان عودته تعني تقدم الظهير التونسي المكلف برقابته والبقاء بجواره ودخل صديق الي الوسط وبقي اسامه في الجناح للحفاظ علي الثلاثي المتقدم وكانت المهمة عندئذ في التراجع من واجب متعب.. وهكذا لم يقل عدد لاعبي الاهلي في الهجوم عن ثلاثة باي حال من الاحوال في اي لحظة عند تنفيذ الكرات الثابتة للنجم.
استفاد الاهلي دفاعيا بنسبة نجاح مائة بالمائة ولم تشكل الكرات الثابتة والركلات الركنية الوفيرة التي احتسبت للنجم اي خطورة علي مرمي الاهلي وكانت كلها بمثابة فقاعات او بالونات اختبار.
وعلي غير المتوقع كانت الفائدة الاكبر للاهلي من تلك الالعاب عن طريق الهجوم الخاطف الذي قاده العملاق عصام الحضري بأسرع وسيلة ممكنة في اخراج الكرة من منطقة الجزاء سواء بقدمه بالكرات الطويلة التي فاز فلافيو باغلبها في العاب الهواء او عن طريق بدء الهجوم المرتد بالتمرير في المساحات الشاسعة لزملائه احمد السيد او انيس بوجلبان او حسام عاشور.. ولو كان التحكيم عادلا لتقدم الاهلي باكرا جدا من ركلة جزاء مؤكدة لمحمد بركات او من سلسلة من الركلات الحرة المباشرة امام منطقة جزاء النجم.. ولم يسمح الحكم ابدا بتنفيذها في ظل حائط بشري علي المسافة القانونية المقررة.. وتقدم لاعبو النجم في كل مرة الي مسافات بين خمس وست ياردات فقط من الكرة لحظة التسديد مما قلل تماما من فاعليتها وخطورتها بل وقيمتها.
ولكن تلك الالعاب السريعة مكنت الاهلي من بث الرعب في قلوب لاعبي النجم وجمهوره وادت لحالة من الفزع افقدت المدافعين التونسيين اتزانهم الانفعالي ومالوا الي الاداء العنيف الذي كلفهم الوقوع في مخالفات كثيرة والحصول علي انذارات اكثر من الاهلي.. ويدفع الثنائي كابتن النجم سيف غزال والظهير الايسر مهدي مرياح الثمن بايقافهما عن اللقاء الثاني المقرر مساء الجمعه 9 نوفمبر المقبل في ملعب الكلية الحربية في القاهرة بعد حصول غزال علي الانذار الثاني وطرد مرياح.
اما علي الجانب الخططي الشامل طوال اللقاء اعتمد جوزيه علي طريقة 3­4­2­1 بوجود عماد النحاس ووائل جمعه وشادي محمد في الخط الخلفي بالتزام تام خال من المغامرة او من التقدم او المشاركة ابدا في الهجوم.. وبدأت معركة السيطرة علي منطقة وسط الملعب بوجود الرباعي اسلام الشاطر في اليمين واحمد السيد في اليسار وحسام عاشور وانيس بوجلبان في قلب الميدان.. ومنح جوزيه للشاطر والسيد فرص التقدم علي الخط الطولي وهو الامر الذي نفذه احمد السيد بامتياز بل واضاف عليه شجاعة غير متوقعة بالتقدم والاختراق والمراوغة في العمق وكأنه نجم من لاعبي الهجوم.. وتبادل عاشور وبوجلبان التقدم الي الامام بحساب ولكن دون مخاطرة او افراط ولم يدخل اي منهما منطقة الجزاء التونسية مطلقا تنفيذا للتعليمات.
ولاتقل درجة الاجادة عند بركات وابوتريكه وفلافيو عن 8 او 9 من 10 درجات رغم عدم التسجيل وغياب الاداء الممتع لانهم كانوا الخط الدفاعي الاول والاقوي للاهلي خارج ملعبه بامتياز.. ونفذوا دورا خططيا بشكل اسطوري يعطينا الامل في التزام اللاعب المصري اذا خضع للادارة الفنية السليمة واطاع مدربه تماما.
ولم يقف دور الثلاثة عند الدفاع فحسب ولكن تحركاتهم الواعية في عرض الملعب بالتباعد الواعي خلق مساحات واسعة بين مدافعي النجم وهو الامر الذي استغله السريع محمد بركات بامتياز بالاستلام والانطلاق والاختراق في المناطق خلف الدفاع التونسي دون تعقيد او استعراض.. ولولا سوء التحكيم والعنف الزائد وعدم التوفيق لسجل بركات ثلاثة او اربعة اهداف بمفرده.
ولان جوزيه درس فريق النجم جيدا وادرك ان خطورته الهجومية تكمن في جانبين رئيسيين اولهما هو الكرات الثابتة وثانيهما استغلال المساحات الواسعة في التحرك والانطلاق كانت تعليماته صارمة بتقارب الخطوط والارتداد السريع عند فقدان الكرة.. ولم يجد لاعبو النجم

شكرا ليك

شكرا على المرور