تقف حاملة رضيعها وسط جمع ممن تعرفهم من سكان مدينتها .. تحاول أن تظله من آشعة الشمس الحارقة .. إنها أسماء ذات الملامح الشابة .. و عمرها الذى لم يتجاوز الخامس و العشرين بعد .. إلا أن سمات النضج و الرزانة تكسو وجهها و تعطيه طابعا خاصا .. و قد استعدت اليوم كى تعبر مجددا معبر رفح البرى .. عائدة إلى قطاع غزة مرة أخرى بعدما هجرته لمدة شهور ..
***
تنظر إلى الجانب الآخر من المعبر .. و تعلو وجهها إبتسامة تحمل مزيجا من الحزن و الأمل .. تتذكر أيام صباها الجميلة .. تمر حياتها كشريط سينمائى أمام عينيها .. تتذكر رقص الشباب يوم عرسها .. تتذكر رقص زوجها ( سعيد ) فرحا حين علم بأنها حبلى , و إخبار الطبيب لهما بتوقع وصول مولودهما مع حلول العام الجديد .. حتى وصلت ذكرياتها إلى نهاية العام الماضى , و لم تتبق سوى أيام على وضعها لجنينها , و تلك الليلة حين استيقظت فزعا على أصوات غارات اليهود الجوية .. تتذكر لحظات الرعب و الفزع , تسرى فى جسدها رعشة كلما تذكرت صرخات أهلها , و قد نظرت إلى زوجها سعيد :
- " إننى لا استطيع الحركة " و تنظر إلى بطنها التى تحتوى جنينها ..
- " اطمئنى سيكون كل شئ على خير ما يرام .. ألم تعتادِ تلك الغارات ؟! .. إنها ستنتهى كما انتهت السابقات .. " : قالها سعيد و هو يضع يده على بطنها مطمئنا على جنينه ..
تتذكر الدمار و الخراب بكل مكان .. و لا تعلم هل سينهار عليها بيتها , و تقتل مع زوجها و جنينها كما قتل الكثيرين أم سيكون هناك فجرا جديدا بعد هذا الظلام ..
***
ازدادت آلام الحمل .. و قد تيقنت أسماء بإقتراب ولادتها .. و كيف تلد وسط تلك الظروف !! .. تتذكر تحملها للآلام و حديثها لنفسها دائما :
- لابد و أن اتحمل .. اننى ما زلت شابة .. فماذا لو كنت أكبر سنا ؟!!
حتى جاءها سعيد قائلا :
- إن المرضى يعبرون إلى الأراضى المصرية .. و سوف تعبرين إلى هناك كى تضعى مولودنا ..
و قد نظرت إليه :
- لا .. لن أتركك .. و لن أترك المدينة ..
:- حسنا سأذهب معكِ .. و سنعود و معنا مولودنا ..
تتذكر حين اقتربت من المعبر مع سعيد حتى حدثها :
- اعذرينى يا حبيبتى .. لن استطيع الذهاب معكِ .. غزة تحتاجنى و لابد أن تذهبى كى تأتى لنا بمن تحتاجه غزة مستقبلا ..
تتذكر دموعها مع كل خطوة تبعدها عن زوجها , و عن بلدها , و لا تعلم هل سيكون هناك لقاء آخر أم أنها لحظة الوداع الأخيرة ..
***
عبرت أسماء وقتها المعبر إلى إحدى مستشفيات العريش .. و قد أخبرها الأطباء ببقاء ثلاثة أيام على وضعها .. تمر الدقيقة كساعات , و تمر الساعة كأيام , و يمر اليوم كسنين .. تتابع أحداث الدمار و الخراب.. تدعو ربها أن يخرج زوجها و أهلها سالمين .. و تنظر إلى بطنها الكبيرة .. و تتحدث إليها :
- لولاك ما غادرت غزة أبدا .. اتمنى أن أسمع خبرا واحدا عن أبيك ..
مر يوم و أتى تاليه .. و ازدادت آلام المخاض .. و قد أيقن الطبيب بضرورة ولادتها .. و نظر إلى مساعدته :
- أريد غرفة عمليات على الفور ..
:- حسنا .. توجد غرفة عمليات وحيدة مهيئة لولادتها .. أما باقى غرف العمليات المجاورة فقد خصصت للجرحى القادمين من غزة ..
:- حسنا أنقليها على الفور ..
تتذكر نقل الممرضين لها إلى غرفة العمليات .. و أثناء نقلها لمحت من ينقله آخرون , و الدماء على وجهه لا تكشف من ملامحه شئ حتى وجدت ذلك الخاتم حول إصبعه .. إنه سعيد ..
***
تسير الناقلتين فى اتجاه معاكس .. أسماء إلى غرفة الولادة .. و سعيد الذى يحتاج إلى عملية جراحية على الفور إلى الغرفة المجاورة .. يتقطع قلبها و هى تراه يمر بجوارها دون أن يراها .. تصرخ مجددا لا لآلام الولادة .. إنها تصرخ حين رأت زوجها الذى لم يتجاوز الثلاثين بعد .. و هو بين الحياة و الموت .. تتحدث بصوت واهن :
- لا تمت يا سعيد .. أرجوك لا تمت ..
ساد الصمت المكان .. غرفة يحاول الأطباء إنقاذ سعيد .. و الغرفة المجاورة يسعى الأطباء لإستقبال المولود الجديد .. أسماء تناجى ربها و تصرخ عاليا
" يارب " .. و الأطباء بالغرفة المجاورة يناجون ربهم ..
تمر الدقائق و يشتعل صراع الحياة مع الوقت .. حتى بدأت ملامحه تتضح , و بدأت تختل الموجات التى ترسم على جهاز موجات القلب لـ سعيد .. يحاول الأطباء أن يفعلوا المزيد .. و لكن دون جدوى , حتى أصبحت الموجات خط مستقيم صاحبته صافرة تعلن إنتهاء أجله ..
دوت الصافرة و سط ذلك الصمت الرهيب .. يكاد قلب من يسمعها أن يتمزق كما تقطع جسد سعيد .. حتى قاطعتها صوت بكاء ذلك الجنين من الغرفة المجاورة .. و تعالى الصوت ليعلن قدوم صاحبه إلى ذلك العهد ..
***
تتذكر أسماء حين علمت بموت سعيد .. تتذكر دموعها حين رأت جثته .. و تحدثه :
- أنظر يا سعيد .. إن ابنك قد أتى إلى الدنيا كما أردت دائما .. لماذا تتركنا وحدنا يا سعيد ؟.
ثم وضعت رأسها على صدره .. و تعاود بكاءها :
- لماذا تتركنا وحدنا يا سعيد ؟ .. لماذا ؟ .. حتى نهضت حين أخبرها من رافق زوجها بأنه قد ترك لها خطابا كتبه بدمه .. و قد بدأت تقرأه :
" - أسماء .. كنت أعلم أنكِ ستقرأين خطابى .. لقد كتبته بدمى كى تعلمين لماذا تركتك تغادرين وحدك .. إنها بلدنا يا أسماء .. و من لها دوننا يحميها .. قاتلنا بشرف , و مات الكثيرون منا .. و كلما أصابنى جرح كتبت لكِ من نزيفه خطابى ..
- لقد غرست أمام بيتنا نخلة صغيرة .. و أعلم أن ابنى سيراعيها من بعدى .. و ستكون قوية كقوتنا .. قوة الصمود .. إنهم لن يهزموننا , و كيف يهزموننا و مازال القلب ينبض .. فلن يتوقف القلب عن نبضه , فإن مت فسيكمل ابنى نبضات قلبى , و سيقاوم حتى يموت فيكمل ابنه نبضات قلبه .. و هكذا سنبقى أبد الدهر صامدين حتى يزول الدمار .. طالما القلب ينبض يا أسماء .. "
***
سالت دموعها و هى تنظر إلى الخطاب مجددا أمام المعبر .. حتى بدأت الجموع تتحرك إلى قطاع غزة عائدين إلى بلدهم من جديد .. و قد نظرت إليها سيدة :
- إلى أين ستذهبين ؟
فنظرت أسماء إلى رضيعها :
- أنظرى إليه .. إنه يريد أن يكمل نبضات قلب أبيه ..
» العاب روحانيه ادخل مش هتندم
» لعبه ايه امنيتك
» انا عضوه جديده
» لعبة الاوامر
» والله دي لعبه هتجنني
» قصة لمن يريد التزوج
» اختبر شخصيتك ادخلوو لايفوتكم
» الجائزة 1000 جنية يلا مستنين اية
» اكلات خفيفة وسريعة التحضير
» تعارف عضو زملكاوى جديد
» صور خطوبه عماد متعب على يارا نعوم)(حصريا على الاهلاوى الاول
» كلمات نابعه من قلب محطم " تستحق القراءه
» من افلام جنيفر لوبيز فلم الاجرام والاثارة للكبار فقط مترجم 259 ميجا U Turn دي في دي
» من افضل لاعب مصري
» سجل دخولك على المنتدى بصلاه على النبى
» عايز تبعت رساله تهنئه بشهر رمضان ادخل وشوف وال تعجبك اكتبها
» عيد ميلاد الليله مين عيد ميلاد حبيبة قلبي ادخل هني بسرعه ...!!!
» **هنا بيانات كل الاعضاء**اتفضلم عرفم نفسكم **وتعرفم على غيركم **
» شريط شرين الجديد حبيت *كامل (حصريا)
» هتضحك غصب عنك
» بالصور.. تصاميم ملاعب قطر لكأس العالم 2022
» ايه اكتر موقف محرج اتعرضت ليه؟؟؟؟؟؟؟؟
» ألبوم منوعات اغانى حزن وجرح اروع الاغانى
» *ننفرد كعادتنا بالاغنيه التى هزت الوطن العربى *الضمير العربى *حصريا على الاهلاوى
» اجازة الربيع في دبي مع مكتب ترحال العربية
» اجازة الربيع في دبي مع مكتب ترحال العربية
» برنامج يحول الكتابه الى صوت رجل أو إمرأة
» البطاقه العائليه للرسول عليه الصلاة والسلام " ارجو التثبيت للأهمية"
» جوزية