يوم فى حياة تـذكرة.....

يا لها من صغيرة مسكينة .. لا حول لها ولا قوة



تعرف مهمتها جيدا ، ولا تدرك خيانة أو استغلال



تسعد عندما تتواجد بين أيدى البسطاء ، وتفهم معنى السعادة التى تضفيها على قلوبهم



لم تستوعب ابدا ما يفعل بها حاليا .. ولو أدركت ، لتمنت الانتحار !



تحكى قصتها المأساوية بلا تحفظ وببراءة ... فدعونا نستمع الى قصة يوم فى حياتها .. حياة تـذكرة !



الصغيرة تروى قصتها بكل تأثر وسرية كاملة .. وطلبت منى ألا ابوح ابدا بالسر ، ولكنى أعتذر لها وبشدة أنى لست قادرا على هذا بعد ما شاهدته وعرفته ، ولست وحدى ، ولكنى ابدا لن أصمت حتى لو يغير هذا من الامر شئ ..



اجهشت المسكينة بالبكاء وبدأت حديثها بأغلط الايمان أنها أبدا لم ولا تتدرك ما فُعل بها ، وتعتذر بكل السبل لكل البسطاء والمحترمين الذين لم تصل الى ايديهم بالطرق الشرعية ...



"صدقنى .. بدأ اليوم جميلا ، خرجت أتنزه مع العديد من صديقاتى فى حافلة جماعية "دفتر" مستمتعين بالشمس الدافئة والهتافات الحماسية الرائعة ( مصر مصر مصر ) .. وقلت لنفسى أننا نفخر بأن نكون سببا فى اسعاد هؤلاء الناس الأكثر من رائعين ..



سارت بينا الحافلة فى طريقنا العادى ، متوجهين نحو الاندية التى ذُكر أنها ستكون "منافذ" لنمرح فيها ونلهو هذا اليوم .. الا انه فجاة توقفت الحافلة الكبرى ، ونُقل بعضا من صديقاتى قسرا بواسطة سائق جديد الى مكان غير معلوم ، علمنا بعدها أنه سيتولى قيادتهم فى الرحلة الى مكان مختلف ... وتكرر هذا الأمر عدة مرات ، حتى وصلنا فى النهاية الى مقصدنا الأول " الذى كان مقررا من البداية أن نصله سويا " !



لم ندرك كل الامر فى البداية ، وتحدثنا سويا أنه ربما يكون هناك تغييرا ما فى الخطة المقررة من أجل منح العديد والعديد من الشعب الجميل الفرصة للسعادة والتواجد فى المكان الاخير المخصص للرحلة الكبرى ، وأثناء مرورنا بين الممرات فى الطريق الصغير ، شاهدنا العديد من الشباب الرائع المملوء بحماس منقطع النظير .. وبدأنا فى التجاوب مع أهازيجهم وهتافاتهم المفعمة بالحب لبلدنا الجميلة ، وتناسينا ما حدث أثناء الرحلة بكل ظن حسن !



ودخلنا الى هناك ، واحدا من الاندية ، لتبدأ فصول اخرى غير متوقعة بدأت معها فى التوجس بشدة ... حيث أغلقت علينا الحافلة كما هى ولم تفتح لنا الأبواب للخروج الى "النور" ، وظللنا نتناقل بين سائق وآخر ونحن نشعر بأننا لا زلنا داخل أسوار النادى ، حتى بدات الأبواب فى التحرك معلنة تحررنا ، ولكننا فوجئنا بأوجه متشابهة ، نفس الملابس والــ "ستايل" ، بلا هتافات ولا تشجيع أو حتى حماس !



تعجبت بشدة .. أين الخطأ ؟ ... ماذا حدث ؟ ... لماذا كل هذا !



جاء مقعدى فى السيارة وحيدا بجوار فتاة رشيقة القوام ، بالفعل جميلة ، ولكننى شعرت بغصة فى حلقى لم أشعر بها منذ تم "طباعتى" لأول مرة ... وبدأت السيارة فى التحرك بلا أى حديث ولا كلام ، وخرجت من أسوار النادى لأجد ما لم أتوقعه أبدا !! "



توقفت العزيزة الصغيرة عن الحديث ، لتلتقط انفاسها وتطلب بعض الماء ، وفجاة انفجرت فى البكاء .. وظللت اهدئ من روعها حتى تمكنت من تمالك نفسها مرة أخرى ، وشرعت فى قص آخر فصول هذا اليوم الحزين فى حياتها !



"لم أحزن لكونى قابعة بجوار تلك الفتاة اللطيفة ، ولكن ما شاهدته صدمنى بشدة .... شباب صغير وكبير ، رجال كبار ، وحتى بعض السيدات المحترمات ، افترشوا الطريق والاسوار وعلى الارض والأرصفة .. تلمع عيونهم بالدموع ، يحادثهم البعض ويواسيهم ، وهم تارة يلعنون وتارة يهتفون بحياة بلادهم .. مزيج عجيب من الغضب المكتوم ، والامل فى النصر حتى لو لم يتواجدوا هناك .. خلف محبوبهم !



ويبدو ان اليوم أبى أن يمر فقط بتلك الاحداث التراجيدية ، فقد شاهدت من بعيد واحدة من صديقاتى "التذاكر" تجرى بين الأيادى هنا وهناك ، تارة تباع بمئات الجنيهات ، وتارة يخطفها ويمزقها البعض ... ولمحت بعضا من الشباب – هناك عند احد الاندية الكبيرة فى منطقة شهيرة جدا تحيط بها الأشجار من كل اتجاه – يترقبون واحدا ممن يسلمون صديقاتى الى اشخاص مقابل أموال طائلة ، وفجاة اندفع هؤلاء الشباب مفعما بكل غضب ونقمة وسخط ليلقنوا البائع وأصدقائه درسا قاسيا – لم أعرف ما نهايته الا انى توقعتها كارثية – وينتزعون منه المال والتذاكر فقط من اجل ارسال رسالة واضحة بان ما يحدث أصبح يفوق كل طاقات الصبر الممتدة من فجر اليوم وحتى نهايته .... !



صدقنى يا سيدى ... لا أعرف لماذا حدث ذلك ؟ وليس لى أى ذنب فيه سوى أنى كنت فريسة لا حول لها ولا قوة ، اعتدوا علينا جميعا ولم نتمكن من الدفاع عن أنفسنا .... "



"وها انا اعرض قصتى عليكم ، لتعذروننى وأبكى معكم ، لأنى أبدا لم أتحمل مشهد طفل صغير قادم من الصعيد ، وشاب حصل على اجازة من عمله بالأسكندرية ليتقدم للحصول على احدى صديقاتى بكل شرف واحترام ... وهذا الشيخ الكبير الذى امتلك قبلا ( جدتى الكبرى – مواليد 1989 - ) وكان يتمنى تكرار التجربة ... الا ان هذا لم يحدث !



أنا آسفة جدا على كل هذا ، وأعدكم بأن أتحدث أكثر وأكثر لكى تتغير تلك الاحداث فى المرات القادمة ، وفى الوقت نفسه أتمنى ان أقابل صديقاتى هناك ، فى استاد القاهرة ، لنمرح سويا مرة اخرى ونحتفل بفرحة الاولاد السمر الشداد ... ومتأكدة تماما ان من سيحملنى سيحتضن خارج الاستاد من لم يتمكن من ذلك ، لان الفرحة التى ستملأ القلوب باذن الله ستنسينا كلنا أى هموم ... وشكرا للسماح لى بالحديث عن شجونى" ..



لن ازيد .. فتكفى قصة الصغيرة ....... ويا لها من قصة !