في فيلم (الديلر).. صراع البلطجي والراقصة والخارتي!

كل هذه الضجة السابقة واللاحقة لا تعنى المشاهد في شيء، ولكن ما يعنيه هو ما شاهده على الشاشة، والحقيقة أن "الديلر" الذي كتبه "مدحت العدل" وأخرجه "أحمد صالح" في تجربته الثانية كمخرج، عمل جيد الصنع إلى حد كبير مع وجود بعض الملاحظات على السيناريو، ولكن في مقابل- هذه الملاحظات- هناك رسم جيد لشخصيات الفيلم الثلاثة، وإدارة مقبولة لملامح الصراع داخل وخارج مصر، ثم تقديم صورة للعالم السري لتجارة السموم البيضاء من خلال العاملين فيه، وهؤلاء يعيشون على حافة الخطر، وهم أيضاً خارج المجتمع مهما حاول إقناع الآخرين بأنهم جزء منه.
أما الحكاية التي يسردها "يوسف الشيخ" "أحمد السقا" فمحورها ثلاث شخصيات منبوذة بشكل أو بآخر: "يوسف" الذي يمارس البلطجة ولكنه يتعرض للضرب والسجن، أي أنه ليس في قوة وعنف الشخصيات السابقة التي جسدها "أحمد السقا"، ولدينا غريمه منذ الطفولة على الحلواني "خالد النبوي" الذي يعمل "خرتياً" يحاول خدمة السياح والتجار مقابل عمولة، ولكنه في الواقع لا يتردد في بيع المخدرات للسائحين أو تنظيم "برتيتة" قمار لهم من أجل سرقتهم، والصراع الأساسي بين "يوسف" و"على" هو على قلب "سماح" "مي سليم" راقصة الفنون الشعبية التي نسمع- دون أن نشاهد- أنها كانت تميل إلى "يوسف" ولكنها تزوجت من "على" عرفياً.
الصراع بين الشخصيات سيصل إلى "أوروبا"، والثلاثة سيهبطون إلى القاع رغم أن أحوالهم ستتحسن مادياً، "يوسف" سيستقر في تركيا ليصبح "ديلر" ينظم عمليات تهريب المخدرات ويروِّجها مقابل نسبته ثم يقوم هو نفسه بالتهريب، و"على" يتقلَّب في وظائف مختلفة في أوكرانيا منتهزاً سفر زوجته لتقديم عرض لفرقتها، إنه مستعد لبيع نفسه والقيام بأي شئ لمن يدفع، يدخل عالم الجريمة المنظمة، تتعدد علاقاته النسائية، يصل إلى ترشيح نفسه في منصب سياسي كبير، يتعامل في كل شئ من السلاح إلى المخدرات، ولكنه يفقد زوجته التي تدمن المخدرات، ويقوم- في المقابل- باختطاف ابنه منها.
يبتعد الثلاثة، وتفصل بينهم عشرات الكيلو مترات ولكنهم يجدون أنفسهم على موعد بمواجهة غير متوقعة، ولكنها تكشف في النهاية عن تقلب العواطف، وعن استمرار تهميشهم سواء كانوا داخل مصر أم خارجها.
ورغم أنني لم أبتلع انتصار الفيلم "ليوسف" في النهاية إلاّ أن هناك أشياء كثيرة في "الديلر" تستحق التنويه أبرزها تشخيص "أحمد السقا" و"خالد النبوي" في أحد أفضل أدوارهما ثم مفاجأة الفيلم "مي سليم" كممثلة راسخة وقوية في دور صعب، بالإضافة إلى صورة "سامح سليم" وموسيقى "مودى الإمام" ومونتاج وديكور "حسن التوني" فهل يتحدث "النت" قليلاً عن الفيلم نفسه بعد أن ملأ الدنيا بحكايات التصوير المثيرة؟